• اخر الاخبار

    28 ديسمبر، 2017

    حوار مع الأستاذ ابن طنجة "محمد أثار" بمناسبة قرب صدور كتابه: "من أعلام غمارة الكبرى"

    حوار مع الأستاذ ابن طنجة "محمد أثار" بمناسبة قرب صدور كتابه:
     "من أعلام غمارة الكبرى"


    يقول الخليفة الموحدي يوسف ابن عبد المؤمن: " من عجائب الدنيا، شاعر من كروان، وطبيب من غمارة" (الناصري، الاستقصاء، (ج/2)، (ص/185)).
    تحظى القبائل الغمارية بشمال المغرب برصيد هام وزاخر من المادة الأدبية والتاريخية والعلمية، إلا أن قليلا من الأقلام هي التي خصصت حيزا من الاهتمام بهذه المنطقة وعبقها التاريخي والأدبي. إلا أن هذا لا يعني أنه ليس هنالك رغبات في بعث هذا التراث وإحياء نسماته العبقة من جديد.
    فقد انبرت مجموعة من الأقلام المعاصرة التي كرست جزء من وقتها وحياتها من أجل جمع المادة الأدبية والتاريخية الخاصة بهذه المنطقة ورجالاتها الأفذاذ، كالأستاذ "محمد عزوز حكيم"، والأستاذ "سعيد أعراب" والأستاذ "جعفر بن الحاج السلمي" والأستاذ "بلال الداهية". ومؤخرا وليس آخرا، برز علم غماري الأصل والجذور، مهتم بتاريخ الشمال المغربي بالعموم والغماري بالخصوص، إنه الأستاذ: "محمد أثار".
    فبمناسبة قرب طبع ونشر كتاب الأستاذ محمد أثار" من أعلام غمارة الكبرى"، قررنا أن نجري معه حوارا مقتضبا حول مسيرته العلمية، وإنتاجاته الفكرية والأدبية والتاريخية، وجديده على الساحة العلمية. فكان الحوار على الشكل التالي:
    - لابد لكل بداية أثر، ولكل أثر دافع استمرار، فكيف ومتى وأين بدأت سيرة أستاذنا محمد أثار؟
    بدأت دراستي في المسيد، كباقي الطلبة القدماء في المغرب، وبالضبط في مدشر تاجنيارت بقبيلة بني زجل الغمارية، تعلمت على إثرها مبادئ القرآءة والكتابة في هذا المسيد على يد فقيه المنطقة الذي لم أعد أتذكر اسمه، وبحكم مهنة الوالد (جندي في القوات المسلحة الملكية) انتقلت إلى منطقة واد لاو، ثم بدأت دراستي الابتدائية في هذه المنطقة، وبعدها انتقلنا إلى مدينة تطوان ومنها إلى مدينة الحسيمة وبها أكملت دراستي الابتدائية وبالضبط في فترة الستينيات. ومنها انتقلنا إلى منطقة اكتامة، وهنالك انقطعت عن الدراسة مدة وجيزة، وبعدها انتقل والدي إلى مدينة تطوان للعمل بها، بينما انتقلت الأسرة إلى مدينة شفشاون، وفيها أتممت دراستي الإعدادية والثانوية، وسنة 1966م انقطعت عن الدراسة بصفة نهائية.
    بعد ذلك اشتغلت في عدة مهن حرة، وخاصة في مدينة الحسيمة ومنها إلى مدينة طنجة، حيث انخرطت في معمل لصناعة النسيج (معمل تيسمار)، بقيت فيه لمدة خمس سنوات، حيث مثلت فيه الكاتب العام لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب.
    في سنة 1974م اعتقلت مع السياسيين الذين اعتقلوا في تلك الفترة، ورغم العمل وأعباء السياسة، وأزمة الاعتقال، لم أنقطع عن المطالعة، وتنامى في قلبي حب التاريخ وأهله بصفة عامة. وبعد هذه المسيرة الحافلة، انخرطت في سلك الجندية، حيث عينت بعمالة القنيطرة سنة 1974م، وبعد تحرير الصحراء المغربية، انتقلت إلى العمل بالصحراء المغربية، حيث اشتغلت في مدينتي العيون والسمارة، ومنهما انتقلت إلى مدينة القنيطرة، وبعدها إلى إقليم سيدي قاسم ووزان وميدلت والعرائش وطنجة كأخر مستقر أحلت فيه على المعاش النسبي سنة 2001م.
    أما فيما يخص مسيرتي الإبداعية، فقد بدأت مسيرتي الإبداعية في البدايات الأولى من فترة الستينيات، حيث كنت أدبج مجموعة من المحاولات الشعرية، وبعد استقراري في مدينة طنجة، اهتممت بالروايات العربية والغربية، وكذا فن القصة القصيرة بمختلف توجهاتها وأعلامها. وفي سنة 1987م كانت لي أول بداية مع التاريخ، حيث سأقوم بأول محاولة تأليفية، كان نتجها تأليف كتاب حول الصحراء المغربية، سميته "دفاعا عن الصحراء المغربية". وقبلها كانت لي محاولات أخرى في مجال الكتابة، إلا أنه وبعد اعتقالي بقيت الكتابات في مخفر الشرطة بطنجة، ولم يكتب أن يفرج عنها إلى اليوم.
    - كيف بدأت حكايتك مع التاريخ الغماري وعبقه المترامي، وماهي أهم العقبات التي وقفت أمام تحقيقك لهذا الطموح؟
    كانت البداية الأولى مع التاريخ الغماري نتاجا متراكما دعت إليه الأعمال التي بدأتها في إطار حديثي عن تاريخ المرأة العربية بالعموم، وإسهامات المرأة الغمارية بالخصوص، وبعدها ستأتي كثير من الأعمال الأخرى، ككتاب: "طارق ابن زياد" و "الفتح الإسلامي لبلاد المغرب والأندلس"، و "الست الحرة أمير ة الجهاد في شمال المغرب" و "قادة المرابطين وإنجازاتهم التاريخية بالمغرب والأندلس" و "الجيش المغربي على عهد المرينين". وهي كتب رأت النور.
    وبعد هذه المؤلفات عن تاريخ المغرب وأعلامه، تخصصت في تاريخ سبتة وأعلامها، وأغلب هذه الكتب إن لم أقل كلها، جاهزة للنشر والطبع، من بينها: كتاب: "مدينة سبتة عبر التاريخ" و " مساجد سبتة المسلمة" و " قضاة سبتة المسلمة" و"إمارة العزفيين" و "بسبتة تاريخ لا يجب أن ينسى" و " إعلام السائلين بمن أقبر بسبتة من العلماء والصلحاء والقادة الفاتحين".
    ومن سبتة انتقلت إلى الاهتمام بالجسم العسكري للجيش المغربي على عهد الأدارسة والمرابطين، حيث عنونت هذا المؤلفات ب: "جند الله المنصور"، حيث أدرجت فيه، جميع تراجم قادة عساكر الجيش الإسلامي في تلك المرحلة، وكذلك ألفت كتابا آخر تحت عنوان: "الجيش على عهد الأدارسة".
    ومن الاهتمام بالجيش الإسلامي في فترة المرابطين، إلى الاهتمام بالشرطة في التاريخ الإسلامي، حيث ألفت كتابا أسميته، " أعلام الشرطة في الأندلس"، حيث تطرقت فيه إلى نظام الشرطة وهياكله في تلك المرحلة.
    ومن الشرطة انتقلت مجددا إلى الاهتمام بالكتابة عن المرأة المسلمة بصفة عامة عبر التاريخ الإسلامي، حيث توج هذا الاهتمام بكتابة مؤلف تحت عنوان "المرأة عبر التاريخ" و " نساء خطاطات عبر العصور".
    بعد الاهتام بالمرأة المسلمة وتاريخها، انتقلت إلى الحديث عن تاريخ منطقة غمارة وأعلامها، والتي أعتز بالانتماء إليها، وفي إطار هذا الاهتمام والتنقيب، واجهت العديد من العبقات، من بينها الوضعية السياسية التي كانت سائدة في فترة السبعينيات، وقلة المصادر والمراجع حول تاريخ المنطقة، وقلة من يتعاونون من أهالي المنطقة وغيرها المعيقات التي كانت في بعض الأحيان عائقا أمام أعمالي الإبداعية، إلا أني في الأخير لم أستسلم.
    - القليلون هم الذين اهتموا بالأدب والتاريخ الغماري، والكثيرون يرجعون سبب ذلك إلى قلة الوثائق ونذرة المادة التاريخية، فهل تشارك هؤلاء نفس الفكرة، وإلى ما تعزو قلة الاهتمام بتاريخ المنطقة؟
    لا، بالعكس، هنالك مصادر كثيرة، ونحتاج إلى من يبحث، والحديث عن غمارة وتاريخها أمر قديم، إلا أنه يحتاج إلى من يهتم به، أضف إلى ذلك طمس مجموعة من الباحثين للوثائق التاريخية، والذين يمتنعون عن إعطائها للباحثين، والأمثلة على ذلك كثيرة.
    - حسب ما عنونت به كتابك الذي هو قيد الطبع " من أعلام غمارة (ج/1)"، فإن الكتاب يحمل نفحة ترتبط بالماضي أكثر منه بالحاضر، فهل تقصد بالعنوان تخصيص أعلام الفترة ما قبل الوطاسية، أم أنه جمع شامل مانع؟
    أولا، الكتاب "من أعلام غمارة" كما قلت جامع شامل، فهو يبدأ من بداية الفتح الإسلامي، وتتغلغل جذور بحثه إلى أن تصل إلى فترتنا المعاصرة، ذاكرين بذلك من الأعلام من لهم بصمة واضحة وجلية على تاريخ المغرب وأهله. وقبل تصديرنا لهؤلاء الأعلام أعطينا نفحة موجزة عن تاريخ المنطقة، وامتدادها الجغرافي عبر التاريخ.
    هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الحكم على الكتاب سيكون من طرف القراء لا أنا، إلا أنني أعد القراء أنه سيكون إضافة نوعية إلى تاريخ المغرب الحبيب بالعموم، وتاريخ المنطقة ورجالاتها بالخصوص.
    - عرفت القبائل الغمارية بروز عدة شخصيات أثرت في التاريخ والأدب والتصوف المغربي، أمثال: (ابن مشيش، والشاذلي، والقاضي عياض، وابن ميمون وابن عرضون)، وأنت في بحثك عن علماء وأدباء غمارة المغمورين، هل وصلت إلى بعض الأعلام المغمورين من ذوي الأثر العظيم؟
    نعم، لابد لكل بحث تاريخي من جديد، وأثناء بحثي حول تاريخ المنطقة، تصادفت مع كثير منهم، من أبرزهم تأثيرا على التاريخ الغماري، شخصية حاكم غمارة إبان الفتح الإسلامي "يليان الغماري"، والأدوار الطلائعية التي رافقت مسيرة فتح القائدين المسلمين "عقبة ابن نافع الفهري" والقائد "طارق ابن زياد الليثي الغماري"، الذي ينتسب إلى قبيلة غمارة التاريخية.
    - عرفت القبائل الغمارية بحفظتها وعلمائها الكبار، إلا أنها حاليا تعرف انحسارا شديدا في الاهتمام بالمساجد والمدارس العتيقة، فإلى ما تعزوا ذلك؟ وهل للأمر علاقة بانتشار ظاهرة زراعة المخدرات (القنب الهندي)؟
    فعلا، قبل ذلك كان الغماريون يفتخرون بتعليم وتحفيظ أبنائهم للقرآن الكريم، وقلما تجد بيتا أو أسرة لا يحفظ فيها أبنائها القرآن الكريم، إلا أنه في فترتنا الحالية، نجد تراجعا لدى الساكنة في تعليم أبنائهم القرآن وعلومه، وذلك بحكم ما رأيته في المنطقة من مظاهر للعزوف عن المعاهد الدينية والمساجد، وذلك بعد جولة ميدانية في المنطقة (بني زجل).
    ويرجع ذلك حسب اعتقادي إلى انتشار التعليم العمومي العصري، وإلى انتشار ظاهرة زراعة القنب الهندي، التي عوضت عمل هؤلاء قديما، والذين كانوا يشتغلون إما بالزراعة أو تدريس القرآن في المناطق البعيدة، سواء في بوادي وحواضر المغرب، أو خارجه من البلدان العربية أو الأوروبية. (الشرط)، أما الآن، فصار أغلب الساكنة يمتهنون زراعة القنب الهندي، وهذا ما أدى إلى تراجع دور المؤسسات التعليمية العتيقة.
    - كلمة أخير للأستاذ محمد أتار:
    وفي الأخير، أريد أن أشير إلى أن كتاباتي لم تبقى حبيسة المؤلفات، بل دبجت أيضا ضمن الجرائد المحلية، مثل: جريدة "الشمال"، وجريدة "صباح اليوم"، وجريدة "لبينتانا"، ومجلة "صدى أنجرة"، وجريدة "عيون الجهة"، وجريدة "لديبيش" والتي مازلت مستمرا في الكتابة بها إلى اليوم، والتي أخصص فيها حديثا حول أعلام المغرب القدامى والمحدثين، وغيرها من الجرائد الإلكترونية.
    وقبل أن ننهي هذا الحوار، أحب أن أؤكد أن مكتبتي الشخصية الزاخرة بالكتب بمدينة طنجة، مفتوحة في وجه الباحثين والدارسين والطلبة من جميع الفئات، وكذا عشاق المعرفة، بدون أي مقابل.
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: حوار مع الأستاذ ابن طنجة "محمد أثار" بمناسبة قرب صدور كتابه: "من أعلام غمارة الكبرى" Rating: 5 Reviewed By: Unknown
    Scroll to Top