قراءة نقدية تاريخية عن طارق بن زياد و إحراق سفنه وخطبته
- - - - -
من جديد الباحث الزجلي : أبو صهيب محمد أثار ( طنجة : دجنبر2017 ) (1)
من جديد الباحث الزجلي : أبو صهيب محمد أثار ( طنجة : دجنبر2017 ) (1)
- - - - -
بينما أنا أطالع مجلة "الآن" عدد[83] نوفمبر سنة 2013م ، استوقفني مقال للأستاذ الباحث إسماعيل التزارني ، في الموسوم بـ "طارق بن زياد، أسطورة حرق السفن". نافيا فيه أن يكون طارق بن زياد ، قد أحرق سفنه وألقى خطبته العصماء الشهيرة في جيشه أثناء عبوره عام (92ه/711م)، إلى عدوة الأندلس.
وقد استهل الباحث موضوعه بقوله: "فتح طارق بن زياد الأندلس في القرن الأول الهجري، ولم تذكر ذلك الحدث كتب التاريخ إلا في القرن الثالث الهجري، أما قصة إحراق السفن فلم ترد إلا بعد ستة قرون من فتح الأندلس"().
كما أن الباحث أيضا ارتاب في أن يكون طارق بن زياد قد ألقى خطبته تلك في جيشه، مستندا في ارتيابه هذا على المؤرخ المصري محمود زكي، حيث قال: "إن العديد من المؤرخين شككوا في إلقاء تلك الخطبة العربية الفصيحة من قبل القائد الأمازيغي، طارق بن زياد" مضيفا أن هذه الخطبة التي نسبت إلى طارق بن زياد، والتي وردت في كتاب "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب" لأبي العباس أحمد بن محمد المقري التلمساني، لم تظهر إلا بعد قرون من فتح الأندلس().
أما في تشكيكه في قضية إحراق السفن فقد استند على ابن القوطية، صاحب كتاب " تاريخ افتتاح الأندلس" مدعيا أنه أقدم المصادر التاريخية التي أرخت لفترة العبور ولكنه لم يذكر قصة الإحراق تلك. وأضاف أن أول من أشار إلى قضية الإحراق هو أبو عبد الله محمد الإدريسي صاحب كتاب "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" والذي لم يعاصر فترة الفتح، مضيفا في نفس الموضوع أن العديد من الباحثين قد نفوا قصة إحراق طارق وسفنه بدعوى أن السفن التي عبر بها وجيشه إلى أرض الأندلس لم تكن في ملكه بل كانت لجوليان ملك إمارة سبتة()
وللإجابة على هذه الأطروحات، نقول بخصوص النقطة الأولى، صحيح أن المؤرخ أبا بكر محمد بن عمر بن مزاحم القرطبي الأندلسي المعروف بابن القوطية (تـ367ه/977م)، وهو من مؤرخي القرن الرابع الهجري (10م)، لم يذكر في كتابه "تاريخ افتتاح الأندلس" قصة إحراق سفنه لما أرست على أرض الأندلس ، بعد العبور إليها عام (92ه/711م)، وقبل مواجهته للعدو.
لكن ما يجب على الباحث الكريم السيد إسماعيل التزارني، أن يعلم أن ابن القوطية الذي استدل به على كون طارق لم يحرق سفنه ، كثيرا ما ينقل عن مؤرخين سبقوه من أمثال، المؤرخ أبى مروان عبد الملك بن حبيب السلامي الألبيري القرطبي (تـ238ه/852م)، صاحب كتاب "مبتدأ خلق الدنيا" المسمى أيضا بـ"أخبار الأندلس".وهو من أقدم ما كتبه أهل الأندلس عن تاريخ بلادهم، فابن القوطية عندما ينقل عنه ابن حبيب إلا وذكره وصرح به، حيث يقول: "وهذا الخبر في كتاب عبد الملك بن حبيب في فتح الأندلس، في أرجوزة تمام بن علقمة الوزير، أو أكثر().
وابن حبيب هذا قد ذكر في كتابه "أخبار الأندلس" السالف الذكر، خطبة طارق بن زياد كما سنرى، لكن ابن القوطية لم يشر إلى ذلك، رغم اعتماده عليه، وإذا كان ابن القوطية لم يذكر قصة الإحراق فلا يعني أن المصادر الأخرى لم تذكرها كما زعم الباحث الكريم إسماعيل التزارني . فقد ذكرها المؤرخ الجغرافي الأستاذ الحافظ محمد بن عبد المنعم الحميري السبتي (750ه/1350م)، في كتابه المشهور "الروض المعطار في خبر الأقطار"()، وذكرها المؤرخ الأديب المواعيني الإشبيلي في كتابه "ريحان الألباب وريعان الشباب في مراتب الآداب"()، وأشار إليها أيضا...يتبع
ربيع الأول 24 عام 1439هــ الموافق ل 14 ديسمبر سنة 2017 م
0 التعليقات:
إرسال تعليق